“لم أجد في استطاعتي فعل شيء فقط احتميت أسفل الجثث”، دون أن ينبس بكلمة واحدة أكثر، يروي مومبير برايت، طالب الثانوية بمدرسة لوهوبيريرا، بمدينة مبوندوي، غربي أوغندا، أحد الناجين من الهجوم الإرهابي الدامي الذي راح ضحيته عشرات الطلاب، مساء الجمعة 16 يونيو 2023.
حصيلة الضحايا بلغت 42 شخصا أغلبهم من الطلاب، حتى ظهر السبت 17 يونيو، في هجوم شنته جماعة إرهابية مسلحة يعتقد أنها “القوات الديمقراطية المتحالفة”، على المدرسة الثانوية في مدينة مبوندوي، على بعد 25 كيلومترا من الحدود مع الكونغو الديمقراطية، حيث تتمركز الجماعة المسلحة.
ووفقا للمعلومات الرسمية التي أعلنتها وزارة الدفاع الأوغندية، هاجم مسلحون يتبعون جماعة “القوات الديمقراطية المتحالفة” المدرسة قبيل منتصف ليل الجمعة، وفتحوا النار على الطلاب، قبل أن يلقوا بقنابل على آخرين خلال انسحابهم من المبنى الأمر الذي تسبب في مقتل وإصابة العشرات، بحسب ما نقلت صحيفة “نيو فيجن أونلاين” المحلية.
وبحسب الصحيفة، شملت قائمة الضحايا 22 طالبا قتلوا بالرصاص خلال الهجوم، و17 طالبا آخرين قتلوا بالقنابل خلال انسحاب المهاجمين من المدرسة، بالإضافة إلى مدنيين اثنين وحارس أمن، إلى جانب ذلك، اختطف المهاجمون خلال انسحابهم ضحايا آخرين، لم تتمكن السلطات من إحصاء عددهم حتى الآن.
الاحتماء بجثث الأصدقاء
كل شيء كان مهيئا لهجوم دام. انقطعت الكهرباء عن حي كاسيسي الذي توجد به المدرسة الداخلية في الساعة الحادية عشر مساء. كان يستعد مومبير للنوم بعد ليلة سمر مع أصدقائه. في البداية سمع صوت جلبة كبيرة، ظن أن زملاء يهرولون خلال اللعب، لكن حالة السكينة غادرت غير رجعة حينما سمع الطلقات الأولى وصراخ أحد الطلاب.
بدأ المهاجمون في إطلاق النار على كل شخص أمامهم، رأى مومبير أصدقاءه في الغرفة يتساقطون وسط الدماء، طاف المهاجمون على كل غرفة يسألون هل هناك مسلمون، يجيبهم الطلاب بلا، فتنهال الطلقات عليهم.
اختبأ مومبير، وهو واحد من 3 طلاب فقط نجوا من الهجوم، بين جثتي زميلين بعد أن سقطا قتيلين، أما زوجة مدير المدرسة، التي تعيش داخل منزل في المجمع التعليمي، فقد نجت بفضل إرضاعها لطفلها، بعدما رآها المتمردون ترضع وليدها لتسيطر على صراخه. وقام المسلحون بإخراجها من المنزل قبل أن يشعلوا النار فيه، بينما توجه المهاجمون بالمختطفين إلى حديقة فيرونا ناشيونال بارك.
يد “داعش” في وسط إفريقيا
وقالت الشرطة إن الهجوم نفذته جماعة “القوات الديمقراطية المتحالفة”، وهي جماعة إسلامية متطرفة معارضة للحكم في أوغندا، وتعتبرها الحكومة الأوغندية منظمة إرهابية، وتنشط الحركة غربي البلاد، لكنها تتمركز بشكل أساسي خلال السنوات الأخيرة في إقليم “نور كيفو” (شمال كيفو)، شرقي الكونغو الديمقراطية الواقع على الحدود بين البلدين.
ومنذ عام 2015، أصبحت الحركة ذات توجه أكثر تطرفا بعد اعتقال زعيمها جميل موكولو، وصعود موسى بالوكو على رأسها. وبحلول عام 2019، انقسمت الحركة لجماعتين إذ ظل جزء معتدل موال لزعيمها المسجون موكولو، بينما الأخرى أعلنت ولاءها لتنظيم “داعش” الإرهابي في وسط إفريقيا.
وللجماعة تاريخ دموي في المنطقة، فخلال الأعوام الأخيرة، تسببت هجمات شنتها على قرى في إقليم “نور كيفو” في سقوط مئات القتلى، ولا تزال تواجه القوات المسلحة حتى الآن في هذا الإقليم.
كما يذكر هذا الهجوم، بعملية أخرى مماثلة نفذتها الحركة على كلية فنية عليا في أوغندا عام ١٩٩٨، مخلفة ٨٠ قتيلا واختطاف أكثر من ٨٠ آخرين.